اصدارات المنتدى

النشرة الاقتصادية - سبتمبر 2020: تدهور العملة .. الوجة الاقبح للحرب في اليمن


Sep - 29 - 2020   تحميل الاصدار

يواصل الريال اليمني تدهوره أمام العملات الأجنبية في ظل عجز حكومي عن معالجة المشكلة والحد من تداعياتها. ومع استمرار هذا التدهور المتسارع يرتفع مؤشر التضخم وتتدنى معدلات الدخل منذرة بمزيد من المعاناة الانسانية في اليمن، وهي المعاناة الأكثر قسوة في تاريخ العالم الحديث.

خسارة الريال اليمني لما يقرب من ثلث قيمته خلال فترة وجيزة يعبر عن عمق الازمة اليمنية وامتداداتها إلى الجوانب الاقتصادية والإدارية. إنها تمثل أحد المظاهر الرئيسية لعجز السياسة النقدية والمالية في اليمن والافتقار إلى رؤية واضحة في هذا الجانب لاسيما مع تداعيات استمرار الحرب والانعكاسات السلبية لفيروس كورونا على الوضع في اليمن وحالة التشرذم والهشاشة في إدارة الشأن السياسي والاقتصادي في اليمن.

وبتدهور سعر الريال اليمني تدخل الازمة الاقتصادية في اليمن حلقة أكثر تعقيدا لاسيما ونحن امام متغير جديد يتمثل في انقسام قيمة العملة اليمنية بين فئات نقدية جديدة وعملة قديمة ولكل فئة قيمتها السوقية المختلفة. ويمثل هذا أكثر مظاهر الازمة الاقتصادية فداحة على الاطلاق بل وتعبيرا عن مستوى الصراع في الملف الاقتصادي بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي المسيطرة على أجزاء واسعة من محافظات الشمال في اليمن.

وبالإضافة إلى الأسباب المرتبطة بالعرض والطلب التي تقف امام هذا التدهور في سعر الريال فإن الخطورة الماثلة الان هي اقحام الملف الاقتصادي ليصبح في عمق الازمة السياسية التي تشهدها اليمن ومعها تبدو أية حلول جزئية شبه مستحيلة.

ويمكن القول بأن مفتاح الحل للأزمة الإنسانية يبدأ من ايقاف تدهور قيمة العملة المحلية اذ انه يستحيل ان تصنع جهود الاغاثة الانسانية فارقا جوهريا في حياة الناس في ظل هذا التصاعد في المستمر في الأسعار الناجمة عن تدهور قيمة العملة المحلية.

وفي ظل وضع معقد كهذا فإن الجميع مطالبون بالخروج بحلول من شأنها ان توحد القرار المالي والنقدي في البلد والاتفاق على سياسة مالية ونقدية تعيد ضبط العملية الاقتصادية في مسارها الصحيح لاسيما وأن السيناريوهات الأخرى تقودنا إلى مزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي، والمزيد من أعداد الفقراء والبطالة.

سوف تستمر الحرب طالما استمرت عوامل بقائها وأهم تلك العوامل هي الموارد المالية للدولة التي يتقاسمها أطراف الصراع بينما تغيب عن (24.1) مليون يمني معرضون لمخاطر المجاعة، و(19.7) مليون لا يحصلون على خدمات الرعاية الصحية، و(40%) من الأسر التي فقدت مصادر دخليها حسب تقديرات منظمات الأمم المتحدة. (1)

ومن المهم التأكيد على بعد آخر في الازمة الاقتصادية والمتمثل في العلاقة الملتبسة بين الحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وانعكاساته على الملف الاقتصادي، حيث بات من الواضح وجود إشكاليات كبيرة في استئناف تصدير النفط والغاز وحرية الحركة التجارية في الموانئ اليمنية والعديد من القيود التي تمثل عبئا مضاعفا على النشاط الاقتصادي والتجاري في اليمن.

وتقتضي الضرورة ان يتم السماح للحكومة الشرعية بتصدير المشتقات النفطية والغازية وإخلاء قوات التحالف لموانئ التصدير وعودة تدفقات الموارد العامة للحكومة بشكل عام عبر البنك المركزي بعد إعطائه كامل استقلاليته تحت إدارة موحدة بعيدة عن الصراع.

إن وقف التدهور الحاد في النمو الاقتصادي، والحد من معدلات التضخم، والتدهور في سعر صرف العملة الوطنية والعجز في الميزان التجاري، وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية الأكثر مأساوية في العالم سيكون ممكنا في حال توصلت كافة الأطراف اليمنية إلى سلام شامل وعادل يعيد سيطرة الدولة على كافة التراب الوطني وتتولى زمام الامور إدارة تتسم بالكفاءة والنزاهة وتطبق معايير الحكم الرشيد.

التعليقات